إحلال سلطة الدّولة محلّ سلطة القبيلة في بلاد الأندلس في مرحلة إمارة عبد الرّحمن الدّاخل (756 – 788م).
الخلاصة
قامت الدّولة الأموية في الأندلس إثر انتصار عبد الرحمن بن معاوية في معركة "المصارة" ودخوله إلى قرطبة، ولم تعد الأندلس منذ ذلك التاريخ تتبع الخلافة الإسلامية في المشرق كما كانت في عهد الولاة السابقين، بل أصبحت إمارة مستقلة سياسياً يحكمها عبد الرحمن وذريته من بعده. وكان كل شخص من حكامها يسمّى أميراً، أما عبد الرحمن فقد لقب (بالداخل)، لأنه أول من دخل الأندلس وحكمها من بني أمية. كما عرف أيضاً باسم عبد الرحمن الأول تمييزاً له عن أميرين آخرين حكما الأندلس باسم عبد الرحمن، وهما عبد الرحمن الثاني أو الأوسط، وعبد الرحمن الثالث (الناصر لدين الله).
امتد عهد الإمارة حوالي مائة وثمانية وسبعين عاماً تقريباً، بدأ بدخول عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان إلى الأندلس، بعد سقوط الدولة الأموية في المشرق وقيام الدولة العباسية. وفي هذا العهد لم تعد الأندلس ولاية تابعة للخلافة الإسلامية كما كانت في العهدين السابقين (عهد الفتوحات ـ وعهد الولاة)، بل غدت إمارة مستقلة ذات سيادة، لا ترتبط بولاية الشمال الإفريقي ولا يصلها بمركز الخلافة العباسية في بغداد أيُ رباط.
وتتناول ورقة البحث هذه محاولة عبد الرحمن الداخل تغيير مفهوم الحكم وإحلال سلطة الدولة محل سلطة القبيلة والعصبيات (التي ما تزال تؤثر في سياسات بعض الدول العربية حتى أيامنا هذه) والتحديات التي واجهته في تنفيذ مشروعه الذي أراد من خلاله توحيد دولته على أسس حضارية وتحقيق الاستقرار فيها على الصعيدين الداخلي والخارجي.