التوَّجيه النَّحوي لبعض القراءات القرآنيَّة في كتاب البيان لأبي البركات الأنباريّ (577 ه)
الخلاصة
علم القراءات من أشرف العلوم الشَّرعيَّة؛ لارتباطه بكتاب الله تعالى، من حيث ضبط الرَّسم حروفًا، وكتابة، وتشكيلًا، وصيانة اللفـظ قراءة ونطـقًا، وتدبر المعاني فهمًا وتذوُّقًا، وعملًا وتطبيقًا.
وممَّا لاشك فيه أنً القراءات قد أغنت الدَّرس النَّحويّ والصَّرفيّ غناءً يكاد يفوق حدَّ الوصف، والتَّنقيب عن تراثهم الأدبي، وبخاصة منه الشِّعر. فالقراءات القرآنيَّة، رافد مهم من روافد النَّحو العربيّ، وربَّما هذا هو السَّبب الَّذي دعا الكثير من العلماء الأفذاذ إلى البحث في تلك القراءات ودراستها وتمحيصها، ومن ثمَّ تعليلها وبيان أوجهها الإعرابيَّة، وتركوا بذلك ثروة ضخمة من المؤلفات.
والنَّاظر في جهود علمائنا السَّابقين لخدمة كتاب الله، ليكبر جهدهم وعملهم، ويقف عاجزًا عن أن يوفيهم حقَّهم، ومن أولئك العلماء الأجلاء: أبوالبركات الأنباريّ (ت577هـ)، فقد ألَّف العديد من الكتب، ومن أبرز تلك الكتب كتابه: "البيان في غريب إعراب القرآن"، الَّذي يُعَدُّ الصُّورة الأخيرة التي أودع فيها أبوالبركات خبرته النَّحويّة والصَّرفيّة للقراءات القرآنيّة، فكتابه هذا يُعَدُّ سجلًا للكتب والرَّسائل الَّتي صنَّفها، وذلك حين أفاض في الإحالة عليها، ومنها أنَّه يُعَدُّ تطبيقًا عمليًا لمجمل آرائه النَّظرية في مختلف علوم اللُّغة وأطراف من علوم القرآن.
فهو يُعَدُّ مصدرًا من مصادر الاحتجاج اللُّغويّ والاستشهاد النَّحويّ ، إنَّه لعلمٌ من أعلام النَّحو، وإمام من أئمة الثَّقافة وشيخ من شيوخ اللُّغة، فكان اختياري للبحث متعلقًا بهذا الكتاب، وآثرت أن يكون عنوانه:" التَّوجيه النحويّ لبعض القراءات القرآنيَّة في كتاب البيان في غريب إعراب القرآن لأبي البركات الأنباريّ"
وأوردت نصوص أبي البركات حول القراءة، وما فيها من توجيه نحويّ وموقفه منها، وذكرت آراء بعض النُّحاة واللُّغويين فيها، وقمت بالتَّرجيح في أكثر الأحيان.