الحوار الوطني في تراث الثقافة السياسية الليبية تحت الاستعمار 1911م- 1922م دراسة في التقاطع والمسار التاريخي للتجربة الليبية في آليات الحوار وبناء السلم وفض النزاعات
الخلاصة
تمتاز خبرة الحراك السياسي الليبي زمن الاستعمار بتجارب هامة للحوار الوطني منذ عام 1911 حتى الخمسينيات من القرن العشرين المنصرم ، وكانت الأزمات السياسية في ليبيا تدفع دائما النخبة الاجتماعية والسياسية إلى طرح ما يتعرض له الوطن من أخطار على بساط البحث ليدور حوله حوار خصب ، تتوصل من خلاله أطراف الحوار إلى قرارات وطنية تعبر عن الإجماع الوطني غالبا ، وتمثل أحيانا الصيغة التوفيقية ، أو الحلول الوسطي التي يقبل بها أطراف الحوار ، وتخرج في أحيان أخرى في صورة برنامج عام محدد المعالم يتخذ دليلا للعمل الوطني .
ودارت أولى حلقات الحوار الوطني في التاريخ الليبي المعاصر في مطمع العقد الثاني من القرن العشرين للبحث عن مخرج لأزمة الاحتلال الإيطالي عام 1911 ، وأنتج ذلك الحوار مواقف متباينة من الازمة ، ثم كانت هناك جولة ثانية للحوار توصلت إلى إجماع وطني محدد ترجم إلى تبني إقرار نظام الجمهورية الطرابلسية عام 1918 ، وجاءت الجولة الثالثة للحوار الوطني عام 1920 ، للبحث عن مخرج لأزمة الخلافات بين قادة الجهاد ، فكاف مؤتمر غريان الذي اعتمد إطارا للحوار الوطني ، وانتهي إلى تبني برنامج وطني ، واقامة حكومة وطنية بعد عامين في سرت 1922 ومحاولة التوفيق بين قادة
البلاد في طرابلس وبرقة لمواجهة مأزق البحث في مسار الاستقلال الوطني .