مقاومة قبائل الأوسترياني للوجود البيزنطي في إقليمي المدن الثلاث وكيرينايكي (363م-643م)
الخلاصة
كان لأهمية موقع ليبيا وخصوبة تربتها وتنوع مواردها الطبيعية من أهم الأسباب التي جعلتها محل لأطماع الشعوب الأخرى منذ العصور القديمة، حيث توفد على أراضيها الفينيقيين والإغريق والرومان والوندال والبيزنطيين، الذين أخذوا ينهبون خيراتها، ويوسعون سيطرتهم على أراضي القبائل الليبية، ويفرضون ضرائبهم الباهظة على سكانها، وعندما شعرت هذه القبائل بالخطر الذي يهدد وجودها وكرامتها ومصالحها الاقتصادية بدأت بشن غاراتها على مراكزهم العسكرية ومدنهم الحصينة، كما أنها خاضت العديد من المعارك ضدهم.
وكانت مقاومة قبائل الأوسترياني الليبية ضد البيزنطيين من أهم الملاحم الوطنية التي كان لها دوراً في إضعاف وجودهم في إقليمي المدن الثلاث وكيرينايكي، حيث يعتبر العصر البيزنطي آخر العصور التاريخية في تاريخ ليبيا القديم، وحلقة الوصل بتاريخها الاسلامي، وقد وقع الاختيار على دراسة مقاومة قبائل الأوسترياني الليبية للوجود البيزنطي في الإقليمين لأن مقاومتها كانت مرتبطة ببعضها البعض من حيث الحظر والظلم الواقع عليها من البيزنطيين، ووحدة هدفها ومعركتها في القضاء على الوجود البيزنطي في الإقليمين، ولهذا يصعب فصل أو دراسة كل إقليم على حدة، وقد حددت الفترة الزمنية للدراسة من بداية مقاومة قبائل الأوسترياني للوجود البيزنطي في مدينة لبدة الكبرى سنة 363م، ثم أحداثها وامتدادها في إقليم كيرينايكي إلى نهاية الوجود البيزنطي بعد الفتح الاسلامي الكامل لليبيا في سنة 643م.