القول المبين في حكم المسح على الجوربين والجرموقين "دراسة فقهية مقارنة"
الخلاصة
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
الحمد لله علَّم القرآن خلق الإنسان علَّمه البيان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.
فشرح به الصدور وأنار به العقول وفتح به أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا
اللهم صلَّ وسلم على الرحمة المهداة والنعمة المسداة والسراج المنير وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا
وبعد ...
إن من فضل الله تعالى على أمة الإسلام مشروعية الطهارة التي جعلها الله شرط صحة لكثير من العبادات كالصلاة والطواف ودخول المساجد ومس المصحف وغيرها وقد أمر الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ( ).
وأمر بها عباده فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ( ).
وأثنى على عباده المتطهرين وأظهر لهم محبته فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ( ).
غير أن المسلم قد يتعرض لما يسبب له الضرر ومن ذلك بأن يكون في بلاد باردة جدًّا ويجد في خلع الجوربين ما يعرضه للبرد الشديد، فله أن يمسح عليهما خوفًا من البرد أو بأن يكون مريضًا، أو في سفر فأجاز لهم الشرع رخصة المسح رفعًا للضيق والحرج، قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( ).
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِذا أمرتكم بأمر فأْتوا منه ما استطعتم" ( ).
فينتقل إلى الرخصة في ذلك وهي المسح على الجوربين والرخص من النعم التي امتن بها على عباده ويسَّر عليهم بها ورفع عنهم الضيق والحرج والضرر
ومن تلك الرخص المسح على الجوربين والجرموقين فأردت من خلال هذا البحث أن أبين أحكامهما وشروطهما وآراء الفقهاء فيهما ومدى مشروعيتها. والله المستعان.