من شطـحات ابن مضاء القرطبي "إنكاره للضمير المستتر في المشتقات العاملة"
الخلاصة
الحمد لله ربّ العالمين، وصلوات الله وسلامه على أشرف المرسلين سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.
وبعد فإنّه ما من عاقل يمكنه إنكار ما قام به أسلافنا النحاة من جهود جبارة في سبيل إرساء قواعد النحو، وما من مطّلع على تلك القواعد إلا ويجد نفسه يقف مندهشا أمام تلك الضوابط والمصطلحات التي وضعوها لخدمة اللغة، تلك الإبداعات التي لا يمكن أنْ تنتقص منها أقاويل المتقولين، أو ينال منها كيد الكائدين، غير أنّه من سَنن الحياة أنْ يكون لكل عمل نقد ولكل عامل ناقد، ولا ضير إنْ كان النقد من أجل الإثراء والإصلاح، فذلك هو النقد البناء، أما إذا كان النقد دافعه الأهواء والأغراض النفسية فلا يُعدّ نقدا، بل هو هدم للعمل وحرب عليه، وهذا ما كان من أمر ابن مضاء القرطبي في كتابه الرّد على النحاة، ذلك الكتاب الذي كان ثورة ضد النحاة، وبُني في أساسه على هدم نظرية العامل النحوي وما تفرع عنها، وفي هذا البحث أردت أنْ أوضح إحدى المسائل التي انتقد فيها ابن مضاء رأي النحاة، وحاول إبطالها، وهي مسألة تحمل الأسماء المشتقة العاملة للضمير، وقد مهدت لهذا البحث بالكلام عن الضمير المستتر من حيث تعريفه وتسمياته وآراء النحاة في كونه متصلا أو منفصلا، ثم أوضحت الانتقادات التي وجهها ابن مضاء للنحاة في هذه المسألة، وقمت بمناقشة تلك الانتقادات، ثم ختمت البحث بخاتمة أوضحت فيها ما توصلت إليه من نتائج، وضمنتها بعض التوصيات.