جوانب من العلاقات الثقافية والاجتماعية بين جبل نفوسة وجزيرة جربة في العصر الإسلامي
الخلاصة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين :
انتشر الإسلام بين السكان في بلاد المغرب منذ سنة 21ه وحكمت أقاليم بلاد المغرب حكومات إسلامية حاولت كل منها نشر مبادئ الإسلام وقيمه وتحفيظ القرآن الكريم وتدبر آياته وتعليم اللغة العربية لسكان بلاد المغرب، واستمر ذلك خلال العصر الإسلامي وكان ذلك حتى في ظل اختلاف الحكومات ايديولوجيا وعرقيا، ورأت بعض المجتمعات في بلاد المغرب التي ترتبط مع الأخرى بروابط جغرافية أو مذهبية أو عرقية أنها بحاجة إلى التواصل المكثف لتوطيد العلاقات وتعميقها بهدف نشر الفقه الإسلامي بين تلك المجتمعات من جيل إلى أخر.
وبما أن ليبيا تشترك جغرافيًا من الجهة الشمالية الغربية مع جنوب تونس بسواحل وسهول وسلاسل جبال وأراضي شاسعة وهضاب تمتد بين البلدين فيما يسمى بالمغرب الأدنى، نتج عن ذلك التقارب الجغرافي والاقليمي والمذهبي حركة تواصل كبيرة ودؤوبة بين سكان مدن وقرى البلدين التي تتوزع على امتداد تلك الجبال والهضاب، متجاوزة البحر لتقيم جسرًا من العلاقات بين مدن جبل نفوسة( ) مع مدن جزيرة جربة المجاورة، وقد تميز هذا التواصل بينهما بعلاقات مميزة وقوية على مر العصور لاسيما في العصر الإسلامي، حيث تميزت العلاقات بالعمق والتوازن في حالات الهدوء والاستقرار السياسي بالمنطقة، وكانت هذه العلاقات تحركها دوافع كثيرة، ركزنا على بعض الجوانب منها في هذه الدراسة، فكانت أهمها الدوافع الثقافية لطلب العلم والتطور الفكري أو التبحر في علوم الدين، كذلك الدوافع الاجتماعية كالرحلات والهجرة وظروف القحط ناهيك عن رحلات الحج المشتركة التي تجعل رجال ونساء المنطقة في رفقة واحدة منذ خروج الركب من جبل نفوسة إلى حين عودته والتي كانت تستغرق شهورًا طويلة، ومن هذا المنطلق وسمنا هذا البحث بوسم جوانب من العلاقات الثقافية والاجتماعية بين جبل نفوسة وجزيرة جربة في العصر الإسلامي.