المقالة الذاتية ( دراسة وصفية )
الخلاصة
فإن الأدب الحقيقي هـو الذي ينطلق من ذات المبدع إلى المتلقي , ويتجاوب مع مشاعره , وعواطفه , وقضاياه , وهذا ما يجعل المبدع حريصاً على التعبير عن قضايا جوهرية تمس حياة الإنسان , وتلبي طموحاته من حيث المتعة والفائدة معاً .
ولكي تتحقق هذه المعادلة أي تحقيق المتعة والفائدة من الأدب , لا بد أن يمتلك الكاتب أدواته التي تساعده على بلوغ هذه الغاية , كالدافع الحقيقي للكتابة المتمثل في الموهبة والاستعداد الفطري , وإتقان اللغة التي تعد وسيلة التعبير عن الأفكار , والثقافة العامة الواسعة , والتبحر في الجنس الأدبي الذي يرغب الكتابة فيه , إلى جانب أخذ الرأي والمشورة من الأدباء والنقاد الذين لهم باع طويل في هذا المجال, فهذه المقومات تتظافر جميعاً لتكوّن مبدعاً متألقاً, يترك أدباً راقياً يُستفاد منه في الدراسات الأدبية , ويتخذه الموهوبون نبراساً يهتدون به في عالم الإبداع.
وقد اعتمدت في هذا البحث على اختيار نوع واحد من أنواع المقالة المتعددة لأخضعه للدراسة ألا وهو المقالة الذاتية ؛ لإظهار مدى الارتباط بين الكاتب ونصه , وبين النص والمتلقي , فالذاتيـــة تشكل عنصـراً مهمّاً فــي هذا النــــوع مــــن المقالات , لأنها تكمـــن فيها مشاعر الكاتب الصادقة , وعاطفته القوية , وانفعالاته الوجدانية , ووجهة نظره الشخصية , حيال بعض الموضوعات التي عاش أحداثها فعلاً , أو شاهدها على مسرح الحياة.