الخاطرة في أدب شريفة القيّادي دراسة تطبيقية فنية
الخلاصة
فإن الخاطرة هي: النواة الأولى التي يرتكز عليها الأدب بنوعيه الشعري والنثري, ذلك لأن منشأ الأدب يبدأ بخاطرة تراود تفكير المبدع, وقد تأخذ وقتاً وهي في حيز تفكيره حتى تتبلور في داخله, وتتشكل في كلمات وجُمل ذات تناسق معين في عقل المبدع ووجدانه, ثم تتحول هذه الخواطر بفعل استعمال اللغة إلى نص أدبي, قد يكون قصيدة أو قصة أو رواية أو مسرحية أو أي جنس أدبي آخر.
والخاطرة لا تقتصر على التعبير عن مكنونات النفس البشرية فقط, كوصف حالات المشاعر المختلفة التي تنتاب المبدع من المحبة, والحزن, والعذاب, والفقدان, بل تتعدى ذلك للتعبير عن مضامين اجتماعية, وسياسية, واقتصادية, وفكرية, وثقافية, وأدبية, يتم تصويرها في أجناس أدبية متعددة, كالقصة أو الرواية أو المسرحية أو المقالة أو التقرير أو القصائد الشعرية سواء أكتب على طريقة عمود الشعر أم الشعر الحر, وسواء أكتبت باللغة العربية الفصحى أم باللهجة العامية.
أما الغرض من إنشائها فهو لا يخرج عن الغرض من إنشاء المقالة الحديثة, فهـــي التــي يعبـــر مــــن خلالهـــا الكاتب عـــن ذاتـــه, ومــا يعتمـــل فــي نفسـه, ويخالج وجدانه, ويشغل فكره, إلى جانب ذلك عرض أهم القضايا التي تسود المجتمعات البشرية محليّاً, أو إقليميّاً, أو عالميّاً, فالتعبير عن الفكرة ليس مقيداً بموضوع معين, ولا بشعب دون آخر, وليس الغرض منه التعريف بالمضمون فقط, ولكن لإدخال التسلية والمتعة على القارئ, وليس بالضرورة أن تكون كل الخواطر والانفعالات للفرد ذات قيمة عظيمة, أو فائدة كبيرة, فبعض الخواطر ما يكون عميقاً ومعبراً عن مضامين ذات أهمية كبرى للفرد والمجتمع, وقد يشمل الإنسانية جمعاء, وبعضها قد لا تتعدى أهميتها الكاتب الذي كتبها, حيث إنه بفعل الكتابة أزاح عبئاً كبيراً راجعاً إلى الخواطر التي تتزاحم في داخله, ولا يشعر بالراحة النفسية إلا إذا نثر تلك الانفعالات المختلفة فوق صفاء الأوراق البيضاء التي تغري بالتفكير والكتابة.