بلاغةُ الْعُدُول فِي التّعبِيرِ القُرآنِيّ ( سُورَةُ الضُّحى نمُوذجاً )
الخلاصة
لا غرو أن القرآن الكريم معجز الشعراء، وسابق البلغاء والفصحاء، أنزله الله على خير خلقه، وآخر رسله محمد بن عبد الله ، ووجوه بلاغة القرآن الكريم كثيرة، ما زالت حقلا خصبا للبحث والدراسة، كيف لا؟، وهو كلام الله، ووحي منه إلى نبيه ؛ ليكون معجزة يعجز بها أرباب الفصاحة والبيان من العرب في فترة كان علمهم بها أسمى العلوم، لا سيما في فن الشعر والخطابة، حتى قال فيهم عمر بن الخطاب : " كان الشعر علم قومٍ، لم يكنْ لهم علم أصح منه" ( ابن سلام، ج1، ص 24 )؛ لذلك كان القرآن معجزا لأولئك القوم الذين تحداهم الله جل وعلا – وهم في الفصاحة والبلاغة من هم – أن يأتوا بمثل هذا القرآن فقال: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ( الإسراء، الآية 88 )، بل إن الله تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله فقال: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( البقرة، الآية 23 ).
ولمّا كان القرآن الكريم المثل الأعلى في البلاغة والفصاحة تعبيرا وتصويرا وتركيبا، فإنه لا مناص من الإقرار بأنه ما زال حقلا خصبا للبحث والدراسة، وميدانا واعدا بالنتائج الجديدة، وأن النص القرآني صالح لإسقاطات المناهج النقدية الحديثة، والنظريات اللسانية واللغوية والأدبية المعاصرة.