السّحر: حقيقته وحكمه

Abstract

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله. أمّا بعد: فإن الله عز وجل قد أرسل رسوله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون. وأعظم ما بعث الله به رسوله صل الله عليه وسلم تحقيقُ التوحيد، الذي هو حقّ الله على العبيد، فما من شيء يحقّق التوحيد ويحقّق كماله إلّا وبينه النبي رسوله صل الله عليه وسلم لأمته، وما من شيء يُخلّ بالتوحيد وينقضه إلا وحذّرنا منه رسوله صل الله عليه وسلم، فترك الأمّةَ على البيضاء، ليلها ونهارها سواء، لا يزيغ عنها بعده رسوله صل الله عليه وسلم إلا هالك. ومن الأمور الكفرية التي تناقض التوحيد من أصله: السّحر؛ إذ فيه صرف العبادة لغير الله، من توجّهٍ، واستغاثةٍ، ودعاءٍ، وذبحٍ إلى غير ذلك من أنواع العبادة، فإن السّحرة يتوجّهون للشّياطين رغَباً ورهَباً، والشّياطين يوالون من يفعل ما يحبّونه من الشّرك والكفر والفسوق والعصيان. كما أنّ السّحر يتضمن الكفر ولا يخلو منه، فتجد السّاحر -والعياذ بالله-يرتكب أموراً كفريّة عديدة، منها: سبُّ الله عز وجل، والقدح في النّبيّ رسوله صل الله عليه وسلم، وكتابة القرآن بدم الحيض النّجس النّتن، وإلقاء المصحف في الحشّ وتلطيخه بالقاذورات، إلى غير ذلك. ويمكن صياغة أهمية الموضوع في النّقاط الآتية: o البحث في هذا الموضوع هو من باب العلم بما يناقض التّوحيد تفصيلاً. o الإسهام في التّحذير من هذا الأمر الخطير، والخطب الجسيم؛ اقتداءً بكتاب الله، وسنّة رسوله صل الله عليه وسلم، وتحذيراً للنّاس من الوقوع فيه بتعلُّمه أو بالذّهاب إلى أهله. o كثرة السّحر واستعماله في بعض المجتمعات الإسلامية، فكان لزاماً التحذير منه وتذكير الناس بمناقضته للتّوحيد. o بيان وجه كون السّحر شركا. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يتقبّله مني، وينفعني به يوم الدّين، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.