الجانب الحديثيّ والفقهيّ عند ابن التّين الصّفاقسيّ -رحمه الله- في شرحه على صحيح البخاريّ

Abstract

الحمد لله مسدي النّعم، ودافعِ النِّقَم. وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم. وأشهد أنّ سيّدنا محمّداً عبد الله ورسوله، سيّد العرب والعجم، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم. أمّا بعد: فإنّ صحيح البخاريّ من أشهر كتب السّنّة، وقد اعتنى العلماء به عنايةً بالغة، اختصاراً وشرحاً وتعليقاً، وكان علماؤنا المالكيّة أسعدُ النّاس بذلك وأوفرهم منه حظّاً: روايةً لألفاظه، وشرحاً لمتنه، وتعليقاً على تراجمه، وحلّاً لمشكلاته. وكان من السّبّاقين لشرح صحيح البخاريّ العلّامة الشّيخ عبد الواحد بن التّين الصّفاقسي (ت611)، فقد تقدّم شرحُه على كثير من الشّروح المشهورة في المشرق، كابن حجر، والعينيّ، والشّهاب القسطلانيّ، وغيرهم، واسم شرحه: «المخبر الفصيح الجامع لفوائد مسند البخاريّ الصّحيح». وهو شرحٌ متعدّد الجوانب، اعتنى فيه مصنّفه بالفقه المالكيّ استنباطاً من النّصوص، مع بيان أقوال أهل المذاهب الأخرى، كما اعتنى ببيان معاني الحديث، وذكر الرّوايات، واستنباط الفوائد الحديثيّة وغيرها. وسأحاول في هذا البحث تسليط الضّوء على هذا الجهد المبارك الّذي كان له سبقٌ في هذا الميدان الشّريف، وسأقتصر في ذلك على الجانبين: الحديثيّ، والفقهيّ؛ بذكر نماذج من أبواب: الصّلاة، والجنائز، والزّكاة، والّتي تضمّنها السّفر الثّالث من المخطوط المحفوظ بالمكتبة الوطنيّة بتونس تحت رقم (07102). وأسأل الله عز وجل أن يتقبّل هذا العمل، ويباركَ فيه، وينفعَ به؛ إنّه جواد كريم.