من علماء الحديث المعاصرين في ليبيا الشّيخ عبد الرّحمن البوصيريّ وكتابه: مبتكرات الّلآلئ والدّرر في المحاكمة بين العينيّ وابن حجر
الخلاصة
الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمّد النّبيّ الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أمّا بعد:
فإنّ دراسة سِيَر العلماء من الأهمّيّة بمكان؛ لأنّها تحمل طلبة العلم على الاقتداء بهم في هديهم واجتهادهم في طلب العلم وبذله، كما أنّها تظهر تاريخ بلادنا المشرّف في علوم الشّريعة، وتُبرِزُ دور أسلافنا في الحفاظ على التّراث الإسلاميّ.
ومن علمائنا المبرّزين في علوم الحديث: الشّيخ عبد الرّحمن بن محمّد بن قاسم بن أبي القاسم البوصيريّ الأخضريّ، الغدامسيّ مولداً، الطّرابلسيّ إقامة، المولود سنة (1258)، والمتوفَّى سنة (1354).
وقد ظهرت هذه الشّخصيّة الفذّة في زمن رغب فيه أكثر النّاس عن علوم الحديث، واشتغلوا بالعربيّة والفقه، كما كانت الظّروف السّياسيّة والاقتصاديّة عائقاً دون الاشتغال بطلب العلم وبذله، حيث سقطت دولة الخلافة العثمانيّة، ودخلت ليبيا تحت الاحتلال الإيطاليّ، ومع ذلك تلألأ نجم الشّيخ في تلك السّماء الملبَّدة بغيوم الجهل والفقر، محدّثاً، ومعلّماً، ومربّياً، قاضياً.
لذا فإنّ الشّيخ يُعدُّ مثار فخر واعتزازٍ لأهل العلم في بلادنا، لا سيما وقد أسهم في النّهضة العلميّة المعاصرة بمؤلَّفٍ سارت به الرّكبان، واحتفل به طلبة العلم.
ولهذا كلّه، إضافةً لشغفي بالحديث النّبويّ الشّريف وعلومه؛ فقد بدا لي أنّ تسليط الضّوء على الشّيخ وجهوده ومؤلَّفه سيكون إضافةً مثمرة للمكتبة الإسلاميّة عموماً، ولمكتبة التّراث اللّيبيّ الإسلاميّ على وجه الخصوص، سائلاً الله عز وجل أن يرزقني الإخلاص والتّوفيق والسّداد.