كشف العلّة بالتفرد عند الإمام أبي حاتم الرازي
الخلاصة
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
فإن دراسة منهج الأئمة النقاد من الميادين الخصبة والغنية في علوم الحديث، والتي تحتاج إلى دراسات معمّقة حتى تعود بالنفع الكبير، فإن لهؤلاء العلماء الفضل الكبير في تدوين أصول هذا العلم، وتقعيد قواعده، وتفريع جزئياته بعد ضبط كلياته، ولذا فإن جمع أقوالهم، والتأليف بينها، وإدراك مواطن تباينها واتفاقها، ومحل الخلاف فيها، ومن بعد ذلك التوصّل إلى ما هو الراجح، وما هو المعمول به، ومقارنته مع التطبيق العملي له؛ هذا وحده مجال رحب جدا يحتاج إلى صبر كبير، وجهد كثير.
ومهما يكن من شيء فإن الحافظ أبا حاتم الرازي كشف في أحكامه الحديثية عن قضية مهمة جدا ألا وهي قضية (التضعيف بالتفرّد)، وهذه القضية من القضايا الجوهرية في علوم الحديث ومباحثه، فهي داخلة في التصحيح والتضعيف دخولا بيّنا، فالتفرّد له صلة قوية بعلم العلل فهو كاشف لكثير من علل الحديث، ولذا ترى مسألة التفرّد تتصل بشكل وثيق بعدد من أهم أنواع علوم الحديث كـ(الحديث الغريب)، (الشذوذ)، و(النكارة)، و(زيادة الثقة)، والتي يحكم الترابط بينها تفرد الراوي إما بأصل الحديث، أو بجزء منه.