الوجود الاستعماري الفرنسي في السنغال في الفترة ما بين (1854ـ 1865م)

Abstract

المقدمة: عُرف الوجود الاستعمار الفرنسي في السنغال تطوراً ملحوظاً بالتزامن مع بداية انكماش الحضارة العربية الإسلامية، وتراجع قوتها الاقتصادية منذّ مطلع القرن الخامس عشر الميلادي، وقد اشتملت هذه الدراسة على ثلاثة محاور خصص الأول لدراسة وتتبع بدايات التنافس الأوروبي على السنغال قبل القرن 19م، أما المحور الثاني فخصص لبحث الاختراق الاستعماري الفرنسي خلال فترة الدراسة، وتطرق المحور الثلث لبحث وتقصي ردود الفعل المحلية على هذا التغلغل حيث تم التركيز على حركة الحاج عمر الفوتـي كونها شكلت العقبة الحقيقية في وجه الأطماع الفرنسية بالسنغال، وخطراً كبيراً على مراكز وجودها في المنطقة كلها. ودراسة الباحث لهذه الفترة تبررها من وجهة نظره الأهمية الخاصة التي تحظى بها هذه الحقبة في تاريخ السنغال الحديث، فعلى الصعيد الدولي اتسمت هذه الحقبة بتغيرات اجتماعية وسياسية كبرى تجلت على الخصوص في تركيز النظام الإمبراطوري، الذي أفرز مداً استعمارياً كبيراً غطى بتأثيراته معظم أقطار القارة الأفريقية بما في ذلك السنغال، والذي استمر خلال هذه الفترة متعلقاً ببنيته الاجتماعية والسياسية التقليدية التي كانت قد اهتزت بعمق نتيجة احتكاكها بمعطيات ومؤشرات حضارة منطقة غرب أفريقيا. تعًد هذه الفترة على المستوى المحلي منعطفاً تاريخياً مهماً في حياة البلد، إذ حتّمت عليه الظروف التاريخية أن يواجه فيها أحدى أكبر القوى الاستعمارية في ذلك القرن بعد أن عبرت الممالك السنغالية عن رفضها لأي شكل من أشكال السيادة الفرنسية على مجالها الترابي حتى عام 1854م.. أما عن نهاية الفترة المدروسة فأهم حدث على المستوى المحلي هو إخماد نار المقاومة جراء وفاة زعيمها الحاج عمر الفوتي، وتصادف الفترة عينها نهاية فترة حكم الوالي فيديرب بعد أن أرسى قواعد الوجود الفرنسي ليس فقط في السنغال بل في معظم أرجاء القارة الأفريقية.