سياسة السلطان الناصر محمد بن قلاوون في معالجة بعض الأزمات الاقتصادية )693-741هـ/1293-1341م)
الخلاصة
يتصدر الاقتصاد الريعي قائمة اقتصاديات العصور الوسطى، فالاقتصاد المصري الذي يمثل موضوع بحثنا قائم على الضرائب المتنوعة، ويأتي على رأسها ضرائب الإنتاج الزراعي المرتبط بفيضان نهر النيل، وما ينتج عن قصوره أو زيادة منسوب المياه فيه، فضلا عن الضرائب المفروضة على النشاط الصناعي والتجاري مروراً بسلسلة طويلة من الضرائب المختلفة التي تقوم الدولة بجبايتها كلما وقعت في أزمة اقتصادية بسبب الحروب أو الفساد المالي، الأمر الذي انعكس على قوة اقتصاد الدولة وحياة الناس ومعيشتهم.
إن قدرة الدولة الاقتصادية والمالية لا تعني بالضرورة عدم مرورها بأزمات، وإنما تتمثل في تمكنها من ايجاد حلول سريعة وربما جذرية لمواجهتها، فإن لم تكن هناك إمكانية توفر معالجات ناجحة أحياناً لاسيما حين يتعلق الأمر بالمشكلات الطبيعة، تبقى محاولة تفادي المشكلة أمر له أهميته في قدرة مؤسسات الدولة على معالجة الأزمات، بما يمنحها خبرات كافية لحل أي مستجدات لها علاقة بما تم التعامل معه من أزمات.
لذا، فإن هذه الدراسة تهدف إلى تتبع الأسباب التي أفضت إلى وجود أزمات اقتصادية في مصر خلال عهد المماليك وتحديداً في سلطنة الناصر محمد بن قلاوون، وتتبع بعض المحاولات التي قام بها لمعالجتها، وقد جاء اختيار الأزمات في مصر موضوعًا لهذه الدراسة بسبب أهميته بالنسبة لقوة مصر الاقتصادية لاسيّما وهي قد شكلت واحدة من أهم ولايات الدولة الإسلامية اقتصاديًا وسياسيًا خلال مراحل تاريخية طويلة.