العبادة الشرعية في مذهب السلف
الخلاصة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالعبادة كلمة عظيمة ومعنى جليل، وهي الحكمة التي خلق الله الخلق من أجلها، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾(1). فالله خلق الخلق ليفردوه بالعبادة ولا يشركوا به شيئاً، وقام بأرزاقهم وما يحتاجون إليه لأجل أن يستعينوا بذلك على عبادته وحده لا شريك له، وهي –أي: العبادة- شاملة لكل الدين، فالدين كله عبادة؛ لذا هي أعلى المقامات، ليس فوقها مقام، ولا تقتصر على بعض الشعائر التعبدية؛ بل كل ما أمر الله به إيجاباً أو استحباباً هو من العبادة، وهي تكليف من الشارع لا دخل لأحد غيره في شيء منها، أمر الله بها جميع العباد، ولا تنفك عنهم حتى الممات، ورسم لها طريقاً رضيها، ولم يرض غيرها، ونعتها بالشرعية، ونعت المخالفة لها بالبدعية.
فأهل الاستقامة متبعون لطريق العبادة الشرعية، وأهل الضلالة مفتونون بالعبادة البدعية.
وكلما بَعُدَ العهد من زمن الرسالة ظهرتْ المخالفات العبادية وانتشرتْ، وقوي أصحابها، وألبسوا الحقُّ بالباطل في كثير من العبادات؛ فوقعتْ المحنة وعظُمتْ البليّة، وتفرق الناس شيعاً وأحزاباً.
فوجب شرعاً الاهتمام بهذا النوع من العلم وبيان سبيل الحقّ فيه؛ ليَعبُد المسلم ربه على هدىً وبصيرةٍ.
واستجابة لله في هذا الواجب شرعت في كتابة هذا الموضوع الموسوم بـ(العبادة الشرعية في مذهب السلف)؛ لعل الله أن يفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفا.