الاعتزال عند الجاحظ
الخلاصة
المعتزلة هي أهم فرقة من فرق علم الكلام، وقد اختلف حول السبب الذي من أجله سموا بهذا الاسم، فقيل: سموا معتزلة؛ لأنّ أستاذهم واصل بن عطاء اعتزل حلقة الحسن البصري، وكان أحد تلاميذه، وأنشأ لنفسه حلقة خاصة به فسمى أصحابه بالمعتزلة، وقيل: سميت المعتزلة بهذا الاسم لغلبة نزعة الزهد والاعتدال عليها، وكان هدف المعتزلة الأساسي هو الدفاع عن الدين والعقيدة الإسلامية، وما يتصل بها من مسائل تتصل بتوحيد الله وتنزيهه عن التشبيه، وحقائق النبوّة ومسائل العقاب والثواب في الآخرة، وغير ذلك من أمور العقيدة والدين، وكانوا يمثلون تياراً صلباً قوياً أمام بعض الاتجاهات الدينية كالمرجئة والجبرية والرافضة والنصارى والدهريين وغير هؤلاء من أصحاب النحل والملل، فقد نشأت المعتزلة في البصرة، وكان سبيلهم الذي سلكوه في حججهم هو الإقناع والقدرة على البيان بدرجة جذبت إليهم أسماع الناس وأنظارهم في كل مكان، واستحوذت على عقول الشباب وألبابهم، فذاع صيتهم في الآفاق، وكثر مناصريهم، وخاصةً أهل العلم والمعرفة مثل الجاحظ الذي يعتبر علم من أعلام المعتزلة، عاش في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري والنصف الأول من القرن الثالث الهجري، وكانت ولادته وحياته بمدينة البصرة التي تموّج حينذاك بألوان مختلفة من الدراسات الأدبية والعلمية والفلسفية، وكان تلميذاً للمتكلم الكبير إبراهيم بن سيار النظام الذي كان قوي الحجة، ساطع البرهان، خبيراً بمسالك الجدل، فكثر أتباعه، وقد تتلمذ عليه الجاحظ، وتأثر به تأثراً شديداً واعتنق فكرة الاعتزال.