البيروقراطية بين النظرية والتطبيق دراسة تحليلية
الخلاصة
إن البيروقراطية بما تحتويه من تنظيمات رسمية، هي إفراز صناعي، نجم عن انتشار الصناعة والتكنولوجيا في سائر المجتمعات.
وعلى الرغم من تردد كلمة البيروقراطية Bureaucracy على ألسنة الناس للتعبير عن نظام يسوده الروتين الممل، ويتصف بضعف الإنجاز الإداري، إلا أن المعنى العلمي بعيد كل البعد عما هو سائد ويدور في حياتنا الاجتماعية.
فالبيروقراطية Bureaucracy هي نظام علمي عقلاني، يعتمد على مبدأ الشمولية والقانونية، وينسجم كل الانسجام مع طبيعة العصر الحديث الذي يتميز بسمات التنمية والتحديث والتخصص الدقيق في العمل. ولعل فهم الدول الغربية لطبيعة البيروقراطية كنظام عقلاني، شجعها على تطبيق وممارسة البيروقراطية داخل مؤسساتها الرسمية بنجاح، ما جعلها تحقق تقدماً ملحوظاً على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية. أما القصور الإداري الذي تعاني منه معظم التنظيمات الرسمية في الدول النامية-خصوصا العربية- مرجعه في الكثير من الأحيان إلى الفهم الخاطئ في تطبيق قواعد البيروقراطية العلمية الرشيدة، ولعل هذه الممارسات الخاطئة التي تتم من قبل رؤساء التنظيم في التطبيق، قد رسخت لدى معظم الناس أن البيروقراطية هي نظام إداري غير فعال، من خلال قلب الأنظمة و القوانين من وسائل لتحقيق الأهداف، إلى غايات في حد ذاتها، كما أن التمسك بحرفية الأنظمة و القوانين و اللوائح الرسمية، يجعل الجهات المسئولة غير قادرة على مواكبة الأحداث الطارئة الناجمة عن التنظيم، و التطورات التي تحدث في البيئة الخارجية التي يوجد فيها.
يحاول هذا البحث أن يقدم تحليل علمي لمصطلح البيروقراطية بين النظرية والتطبيق كمفهوم علمي وأسلوب إداري عملي لتنظيم الأعمال والمهام الإدارية داخل المؤسسات الرسمية.