التكرار في القرآن الكريم تأصيلاً وتطبيقاً

Abstract

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمدٍ النّبيِّ الأميّ الأمين، وعلى آله وصحبه والمرسلين أجمعين. أما بعدُ: فإنّ النظم القرآنيّ الكريم نوعان، الأول: النظم من جهة التركيب، والثاني: النظم من جهة الترتيب، وهذا الثاني مرتَّبٌ على الأول، فالنظِم التركيبيّ مجالُه المعاني الجزئية، التي هي عناصر بناء المعاني الكلية، وأما الترتيبيّ فمحلُّه المعاني الكلية التي هي عناصر بناء السورة كلِّها، وكلٌّ منهما يكوِّن ملامحَ إعجازية في الكلام المقدّس. فالنظم التركيبي مما اشتغل ببيانه أئمة التفسير، ومما يتعلق بذلك، الكلام في الجمل والألفاظ المكررة، فهي ولا ريب لم تأتِ عبثاً؛ لأنه كلام الله ــ تعالى ــ المعجز، ولذلك استنبط المفسرون من التكرار معاني جليلة تبين مدى فصاحة القرآن وبلاغته، فجَهِدُوا في بيان هذا الملمح على خلافٍ بينهم إيجازاً وبسطاً، كما أنهم ضبطوا التكرار بضوابط هي من استقرائهم على الأرجح، ولم تكن بعض الضوابط مما اتفق عليه، وبالتالي ظهرت نتائج هذا في الحكم على الآيات والألفاظ المكررة في القرآن، كما سيظهر لك ــ لاحقاً إن شاء الله تعالى ــ. ولأهمية هذا الموضوع أحببت أن أسهم فيه، مستقرئاً كلامهم، ومحاولاً التدليل عليه بتطبيقاتٍ من الآيات القرآنية، رابطاً بين نصوص المصنفين في علوم القرآن، وبين كلام المفسرين، فهو موضوعٌ جِدُّ مُهمٍّ؛ لأنه يُعنى بجانب نظري جليلٍ يتعلق ببيان معاني الجمل والمفردات، مما يكشف وجهاً من وجوه الإعجاز البياني لكلام الله تعالى؛ فإنّ الجملة أو اللفظة قد يراد بها مدلولُها السابق في الكلام، وقد تأتي تتميماً لما سبق، ملاحَظاً فيها معنى جديداً، والفيصل في هذا قرينة السياق، أو بعض القرائن الأخرى. هذا، وأسأل الله ــ جل وعلا ــ أن يكون عملي ابتغاء وجهه ــ سبحانه ــ في نشر العلم والمعرفة، وأن ينفع به من اطلع عليه، إنه ــ تعالى ــ وليُّ ذلك وحدَه.