المقصد الشّرعيّ وأثره في الفتوى والأحكام عند فقهاء المالكيّة نوازل ابن رشد الجدّ أنموذجاً

Abstract

الحمد لله، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب. والصّلاة والسّلام على من أرسله الله رحمة للعالمين ، صلّى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم الدّين. وبعد: فإنّ علم المقاصد له مكانة سامية بين سائر العلوم الشرعية؛ إذ ربْطُ الحكم بمقصده يعين المكلَّفَ على القيام بما كُلِّفه على أحسن الوجوه وأتمّها. وقد وجّه إليه علماء هذه الأمة، وعلى رأسهم فقهاء المالكية؛ يقينًا منهم بقيمة هذا العلم وأهميته. ومن بين دواوين الفقه المالكي التي اعتنت بهذا العلم، لاسيما من النّاحية التّطبيقيّة العمليّة: كتابُ (مسائل أبي الوليد ابن رشد )؛ حيث اشتمل هذا الدّيوان على مسائل فقهيّة مختلفة في قضايا متنوّعة، وكان لعلم المقاصد في تقرير الحكم الشرعيّ لهذه المسائل حضورٌ حافل وأثر واضح، الأمر الذي دعاني لكتابة هذا البحث الذي عنونته بـ«المقصد الشّرعيّ وأثره في الفتوى والأحكام عند فقهاء المالكيّة: نوازل ابن رشد الجدّ أنموذجًا». ويرجع سبب اختياري لمسائل ابن رشد لتكون ميداناً لبحثي ومجالاً لدراستي دون غيرها من تصانيف أهل العلم- إلى أمرين: o الأوّل: أنّ هذا العِلْمَ نشأ منذ نشأة الأحكام، وقد تمّ إبراز معالمه والكشفُ عن حقائقه، وكان لعلمائنا المالكية قديمًا وحديثاً الحظُّ الأوفر في هذا المجال: قديماً علي يد الإمام الشّاطبيّ، وحديثاً على يد العلّامة ابن عاشور. وفي دراسة مسائل ابن رشد من هذه النّاحية ما يشير إلى أنّ جهود السّادة المالكيّة في العناية بعلم المقاصد لم تكن مقصورة على ما جاء من طريق هذين العَلَمَينِ. o الثّاني: في دراسة مسائل ابن رشد ما يؤكّد أنّ الجانب التّطبيقيَّ لعلم المقاصد لم يكن غائباً عن عناية السّادة المالكيّة، علاوة على اهتمامهم بالنّاحية النّظرية التي كان لهم فيها قصب السّبق. والحمد لله أوّلاً وآخراً، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليما كثيراً.